كم باهظ انت يا وجودُ
كأننا بانفسنا اخترناك
رغم أنّا لم نفعل،
اختارك من لم يحفل بحقنا في أن نفهم
اختارك من اعطانا كل ما لانستطيع ان نفعل.
لم نخترك لنا
فلا نملك منك شيئا..
لا نملك من وجودك وجودا
لكنّا مشاركون فيك رغما عنّا..
متورطون بك
منخرطون فيك
مذنبون بك
أبرياء بنا.
من ابتدع الوجود
خولنا اننا لانفهم السر
اكتفى بان علينا ان لانفهمه
رغم ان لنا النية الكافية والحصافة لأن نفعل.
نحن ممتدون
في وجودنا..
متقبلون إياه
كائنا ماكان
فكأننا اخترناه
رغم انّا لم نفعل.
نحن نخفيه في سرائرنا
نتستر عليه
نثبته بالوقائع والمصائر
نلصقه على صفحةٍ نبتدعها من ذاكرة
ليبقى ويدوم
ليكونَ.. بلا هوادة.. بلا أمل
نتوهم أن لنا دورا في اختيار الوجود
من شدّة ما ألفناهُ
من عذاب لهفتنا إليه
من كثرة ما انبهرنا به
كلنا نفعل
حتى ذلك الهرِم العزيز على السرير متحشرجا..
حتى الرضيع المولود مع الداء
حتى البؤساء
حتى التعساء.
كلنا نتخيل اننا اخترناه بشكل ما
نخشى انقضاءه واختفاءه
في لحظة خاطفة
في لحظة ذاهلة
في قطع النفس
كل ما جمّعناه بأشد العناء
أخيلة وقصص وأحلام..
ركام الاماني،
وعْيُنا الذي ركّبناه دهشة دهشة
كلما لمّيناه عبر العمر
خمسون عام.. ستون.. مائة
يختفي في هنيهة واحدة..
شهقة واحدة تستغرق العمر كلَه.
نخشى فيك يا وجود اختفاء الحبيبين
نخشى ذهاب اللصيقين الى القلب
فلا يرحلون على غفلة الى هناك
الى حيثما لا يعودون
فنبقى وحيدين في وحشتك القاهرة
نواجهك لوحدك كمصير محتوم.
فلكم انت باهظ ايها الوجود..
كم انت عصي على الاختيار
منيع على المغادرة.
انت نحن.. يا وجود
ونحن انت.
لو قَضيتَ ايها الوجود،
لقضيت بالنسبة لنا كلاّ واحدا.
ولو قضينا ياوجود،
لقضينا بالنسبة لك
كل على حدة
إنما نحن علّتك
من دوننا لن تكون موجودا انت لوحدك
إنما انت موجود بوجودنا فحسب..
ستكون لوحدك عدماً.
2014
اذار- قرب نهر الكستناء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق